"أكثر من ستون عاما على النكبة وضياع فلسطين من يد العرب"

23 مايو 1948

قرية الطنطورة

بعض أسرى الطنطورة في معتقل عتليت

 

شهادات على المذبحة

المؤرخ الإسرائيلي تيدي كاتس كشف عن ملابسات المجزرة في الطنطورة أن الشهادات التي حاز عليها تشير لسقوط 230 فلسطيني في المذبحة، وأوضح أن حارس الحقول اليهودي في تلك الفترة موتي سوكلر قد كلفه الجيش الإسرائيلي بتولي عملية دفن الموتى، وأنه أحصى الضحايا بعد قتلهم على شاطئ البحر وداخل المقبرة.

وقد تعرض لدعوى تشهير من قبل وحدة الكسندروني وتسبب في ضجة إعلامية صاحبت الكشف عن المذبحة بعدما قدم دراسته تلك في رسالة ماجستير في جامعة حيفا عام 1998، مما اضطرت معه الجامعة إلى سحب اعترافها برسالته الأكاديمية.

واوضح المؤرخ إيلان بابه خطورة مجزرة الطنطورة واختلافها عن سائر المذابح في فلسطين لحجم ضحاياها وإرتكابها على يد جيش إسرائيل بعد أسبوع من إعلان قيام دولة إسرائيل، وذكر أن مجزرة الطنطورة التي وقعت بعد شهر من مجزرة دير ياسين كان يستهدفت تحقيق الهدف الصهيوني المركزي المتمثل بتطهير البلاد عرقيا بقوة السلاح وترهيب المدنيين وتهجيرهم.

فوزي محمود أحمد طنجي أحد الناجين من المجزرة يروي قصته ويصف كيف ذبح أبناء عائلته وأصدقاؤه أمامه، وأن أبناء القرية دافعوا بشرف عنها منذ منتصف الليل حتى نفذت ذخيرتهم في الصباح. وروى أن الجيش فصل بين الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، وأجبروهم على الركوع، وأن أحد الجنود حاول الاعتداء على فتاة من عائلة الجابي، فنهض أبوها لنجدتها فقتلوه طعنا بالحراب، بينما واصل الجنود تفتيش النساء وسرقة ما لديهن من حلي ومجوهرات. وحكى أنه عندما كان في الطريق إلى بيته بحثا عن السلاح أطلق الجنود المرافقون له النار على أحدى سكان القرية وهو سليم أبو الشكر وكان عمره 75 عاما.

وقال "عندما وصلنا البيت كان الباب مقفلا، والدماء تسيل من تحت الباب، فخلت أنهم قتلوا أمي فدخلت ودموعي على خدي فوجدت كلبي مقتولا، ولم أجد أمي فقلت لهم لا أعلم أين أخفت أمي السلاح، فدفعني أحد الجنود وأرجعوني نحو الشاطئ وفي الطريق أطلقوا الرصاص على سيدتين عزة الحاج ووضحة الحاج.

ويؤكد أن الجنود صفوا ما يتراوح بين عشرين وثلاثين شابا بالقرب من بيت آل اليحيى على شاطئ البحر وقتلوهم، وكيف أمروه وآخرين بحفر خندق بطول أربعين مترا، وبعرض ثلاثة أمتار، وعلى عمق متر، ثم بدؤوا بأخذ ما بين ثمان وعشر رجال لنقل الجثث ورميها بالخندق وعندما حاول أحد المواطنين هو فيصل أبو هنا مقاومتهم قتلوه بحراب البنادق.

أُحصيت أكثر من مائتي وخمسون جثه في ليلة الاحتلال والأيام التي تلتها، وتم طرد النساء والأطفال بعد تفتيشهم ومصادرة كل ما يملكون. وتم اسر الرجال والفتيان من سن السابعة عشر وحتى الستين عاما وأخذهم وسجنهم في معتقلات كانت القوات الصهيونية تسيطر عليها، وتمت تصفية وقتل العديد من هؤلاء الأسرى قبل أن يتم تسجيلهم من قبل الصليب الأحمر الدولي.

قاومت القرية مقاومة باسلة ولكن لضعف تسليحهم لم تستطيع الصمود أمام القوات الصهيونية.

جنود إسرائليون يقودون مجموعة من رجال القرية إلى المقبرة لقتلهم ودفنهم

 

وفي نفس اليوم قامت المنظمات الصهيونية المسلحة بأسر الرجال وتشريد ما تبقى من أهلها من نساء وأطفال وتركهم يهيمون في العراء، وعلي أنقاضها أقيمت مستعمرة نحشوليم عام 1948، وفي عام 1949 أُقيمت مستعمرة أخرى هي موشاف دور على باقي أطلال القرية. وأكد عدد من المؤرخين العرب واليهود أن تلك المذبحة تعتبر من أبشع المذابح التي ارتكبها الصهاينة في فلسطين التي تزيد على ثمانين مذبحة.

رسالة أسير من الطنطورة لزوجته



أما بعد خروج الأسرى والمحتجزين من الأسر فقد كانت لهم رحلة طويلة من العذاب والألم للبحث عن أسرهم التي تشتتت ما بين سورية والأردن والعراق ولكن أغلبية الأسر من نساء وأطفال هم حاليا لاجئون في سورية وموزعون ما بين مخيم اليرموك ومنطقة القابون في دمشق ومخيم الرمل في اللاذقية.


الصفحة السابقة   الصفحة التالية